اَلْرَّؤُفُ الْكَرِيمُ الرَّحِيمُ
أَنْ يَا مَلَأَ الْغَيْبِ وَالشُّهُودِ أَنِ افْرَحُوا فِي أَنْفُسِكُمْ ثُمَّ اسْتَبْشِرُوا فِي ذَوَاتِكُمْ بِمَا ظَهَرَ لَيْلُ الَّذِي فِيْهِ حُشِرَتِ الْأَكْوَارُ وَدُوِّرَتِ الْأَدْوَارُ وَبُعِثَتِ اللَّيَالِي وَالْأَنْهَارُ وَمِيْقَاتُ الْأَمْرِ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيرٍ فَيَا بُشْرَى لِمَنْ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِهَذَا الرُّوْحِ الْعَزِيزِ الْبَدِيعِ وَهَذِهِ لَيْلَةٌ قَدْ فُتِحَتْ فِيْهَا أَبْوَابُ الْجِنَانِ وَسُدَّتْ أَبْوَابُ النِّيْرَانِ وَظَهَرَ رِضْوَانُ الرَّحْمَنِ فِي قُطْبِ الْأَكْوَانِ وَهَبَّتْ نَسَمَةُ اللّهِ مِنْ شَطْرِ الْغُفْرَانِ وَأَتَتِ السَّاعَةُ بِالحَقِّ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ الْعَارِفِينَ فَيَا بُشْرَى لِهَذَا اللَّيْلِ الَّذِي اسْتَضَآءَ مِنْهُ كُلُّ الْأَيَّامِ وَلَا يَعْقِلُ ذَلِكَ إِلَّا كُلُّ مُوقِنٍ بَصِيرٍ وَقَدْ طَافَتْ فِي حَوْلِهِ لَيَالِي الْقَدْرِ وَنُزِّلَتْ فِيْهِ الْمَلَئِكَةُ وَالرُّوحُ بِأَبَارِيقِ الْكَوْثَرِ وَالتَّسْنِيْمِ وَفِيْهِ زُيِّنَ كُلُّ الْجِنَانِ بِطِرَازِ اللّهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَزِيزِ الْمَنَّانِ وَبُعِثَتْ كُلُّ مَا كَانَ وَفِيْهِ سَبَقَتِ الرَّحْمَةُ كُلَّ الْعَالَمِينَ فَيَا بُشْرَى لَكُمْ يَا مَلَأَ الرُّوحِ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ اللَّائِحِ الْمُبِينِ وَفِيْهِ تَزَلْزلَتْ أَرْكَانُ الْجِبْتِ وَسَقَطَ الصَّنَمُ الْأَعْظَمُ عَلَى وَجْهِ التُّرَابِ وَاَنْعَدَمَتْ أَرْكَانُ الشُّرُورِ وَناحَتِ الْمَنَاتُ فِي نَفْسِهَا ثُمَّ انْكَسَرَ ظَهْرُ الْعُزَّى وَظَلَّ وَجْهُهُ مُسَوَّدًا بِمَا طَلَعَ فَجْرُ الظُّهُورِ وَفِيْهِ ظَهَرَتْ مَا قَرَّتْ بِهِ عُيُونُ الْعَظَمَةِ وَالْجَلَالِ ثُمَّ عُيُونُ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ فَيَا حَبَّذَا لِهَذَا الْفَجْرِ الَّذِي ظَهَرَ بِالْحَقِّ عَنْ مَطْلَعِ عِزٍّ مُنِيرٍ قُلْ فِيْهِ مُنِعَتِ الشَّيَاطِينُ عَنِ الصُّعُودِ إِلَى جَبَرُوتِ الْعِزِّ وَالْإِقْتِدَارِ وَاسْتَدْمَتْ قُلُوبُ الَّذِينَهُمُ إِعْتَرَضُوا عَلَى اللّهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَزِيزِ الْمُخْتَارِ وَفِيْهِ اسْوَدَّتْ وُجُوهُ الْأَشْرَارِ وَاسْتَضَائَتْ طَلَعَاتُ الْأَبْرَارِ مِنْ هَذَا الْجَمَالِ الَّذِي بِظُهُورِهِ انْتَظَرَ مَلَكُوتُ الْغَيْبِ وَالشُّهُودِ ثُمَّ أَهْلُ مَلَأِ الْعَالِينَ فَيَا رُوحًا لِهَذَا الرُّوحِ الَّذِي مِنْهُ بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَاهْتَزَّ كُلُّ عَظْمٍ رَمِيْمٍ قُلْ يَا مَنْبَعَ الشُّروُرِ فَاضْرِبْ عَلى رَأْسِكَ ثُمَّ أَنْ يَا مَعْدَنَ الطُّغْيَانِ فَارْجِعْ إِلَى مَقَرِّكَ فِي الْحُسْبَانِ بِمَا أَشْرَقَ جَمَالُ الرَّحْمَنِ عَنْ أُفُقِ الْإِمْكَانِ بِضِيَاء الَّذِي أَحَاطَ أَنْوَارُهُ كُلَّ مَنْ فِي مَمَالِكِ السُّبْحَانِ وَخُلِقَ مِنْهُ رُوحُ اللّهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَزِيزِ الْمَنَّانِ وَبِهِ خَرَجَتْ أَنَامِلُ الْإِرَادَةِ مِنْ رِدَاءِ الْعَظَمَةِ وَشَقَّتْ حُجُبَاتِ الْأَكْوَانِ بِسُلْطَانِهِ الْمُقْتَدِرِ الْمُمْتَنِعِ الْعَزِيزِ الْمَنيعِ فَيَا حَبَّذَا مِنْ هَذَا الْفَجْرِ الَّذِي فِيْهِ اسْتَوى جَمَالُ الْقِدَمِ عَلَى عَرْشِ اِسْمِهِ الْأَعْظَمِ الْعَظِيْمِ وَفِيْهِ وُلِدَ مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ فَطُوبَى لِمَنْ يَتَغَمَّسُ فِي بَحْرِ الْمَعاني مِنْ هَذَا الْبَيَانِ وَيَصِلُ إِلَى لَئَالِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ الَّتِي كُنِزَتْ فِي كَلِمَاتِ اللّهِ الْمَلِكِ الْمُتَعَالِي الْمُقْتَدِرِ الْقَدِيرِ فَيَا حَبَّذَا لِمَنْ يَعْرِفُ وَيكُونُ مِنَ الْعَارِفِينَ قُلْ هَذَا فَجْرٌ نَزَلَتْ قَبائِلُ مَلَأِ الْفِرْدَوسِ ثُمَّ مَلَآئكَةُ الْقُدْسِ وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَعْرَجَ بِنَفَحَاتِ جَمَالِ اللّهِ الْأَبْهَى إِلَى أَهْلِ مَلَأِ الْأَعْلَى وَمِنْ هَذِهِ النَّفَحَاتِ نَزَلَتْ مَلَآئِكَةُ أُخْرى بِأَكْوَابٍ مِنْ كَوْثَرِ الْبَقآء وَيَسْقُونَ الَّذِينَهُمْ طَافُوا حَوْلَ مَقَرِّ الَّذِي فِيْهِ اسْتَوى هَيْكَلُ الْقَدِيْمِ عَلَى عَرْشِ اِسْمِهِ الْأَكْرَمِ الْكَرِيْمِ فَيَا بُشْرَى لِمَنْ حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَشَهِدَ جَمَالَهُ وَسَمِعَ نَغَمَاتِهِ وَحَيَّ قَلْبُهُ مِنْ كَلِمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ شَفَتَاهُ الْمُقَدَّسِ الْمُتَعَالِي الْعَزِيزِ الْمُنِيرِ قُلْ هَذَا فَجْرٌ فِيْهِ غُرِسَتْ شَجَرَةُ الْأَعْظَمِ وَأَثْمَرَتْ بِفَواكِهِ عِزٍّ بَدِيعٍ تَاللّهِ لِكُلِّ ثَمَرَةٍ مِنْهَا لَنَغَمَاتٌ إِذًا نَذْكُرُ لَكُمْ يَا مَلَأَ الرُّوحِ بَعْضَ تَرَنُّمَاتِهَا عَلَى مِقْدَارِكُمْ لِيَسْتَجْذِبَكُمْ وَيُقَرِّبَكُمْ إِلَى اللّهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَزِيزِ الْقَدِيرِ فَيَا حَبَّذَا مِنْ هَذَا الْفَجْرِ الَّذِي مِنْهُ اسْتَشْرَقَتِ الشُّمُوسُ عَنْ أُفُقِ الْقُدْسِ بِإِذْنِ اللّهِ الْمُمْتَنِعِ الْعَزِيزِ الْمَنِيعِ قُلْ هَذَا فَجْرٌ فِيْهِ ظَهَرَ كَينُونَةُ الْمَكْنُونِ وَغَيْبُ الْمَخْزُونِ وَفِيْهِ أَخَذَ جَمَالُ الْقِدَمِ كَأْسَ الْبَقآء بِأَنَامِلِ الْبَهآء وَسَقَى أَوَّلاً بِنَفْسِه ثُمَّ أَنْفَقَهُ عَلَى أَهْلِ مَلَأِ الْإِنْشآء مِنْ كُلِّ وَضِيعٍ وَشَرِيفٍ فَيَا حَبَّذَا لِمَنْ أَقْبَلَ وَأَخَذَ وَسُقِيَ بِحُبِّهِ الْعَزِيزِ الْمَنِيعِ وَإِنَّ ثَمَرَةً مِنْهَا نَطَقَتْ بِمَا نَطَقَتْ سِدْرَةُ السِّيْنَاءُ عَلَى بُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ الْبَيْضآء وَسَمِعَتْ مِنْهَا أُذُنُ الْكَلِيْمِ مَا انْقَطَعَهُ عَنِ الْمُمْكِنَاتِ وَقَرَّبَهُ إِلَى مَقَرِّ قُدْسٍ مَكِينٍ فَيَا حَبَّذَا مِنْ جَذْبِ اللّهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَلِيِّ الْعَظَيْمِ وَثَمَرَةٌ أُخْرَى نَطَقَتْ بِمَا اسْتَجْذَبَ مِنْهُ الرُّوحُ وَصَعِدَ إِلَى سَمآءِ عِزٍّ مُبِينٍ فَيَا حَبَّذَا مِنْ هَذَا الرُّوحِ الَّذِي قَدْ قَامَ تِلْقَائَهُ رُوحُ الْأَمِينِ بِقَبِيلٍ مِنْ مَلآئِكَةِ الْمُقَرَّبِيْنَ وَثَمَرَةٌ نَطَقَتْ بِمَا اسْتَجَذَبَ مِنْهَا قَلْبُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللّهِ وَاسْتَعْرَجَ مِنْ ذَلِكَ النِّدآءِ الْأَعْلَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَسَمِعَ نِدآءَ اللّهِ عَنْ وَرآءِ سُرَادِقِ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ سِرِّ اِسْمِي الْمُقَدَّسِ الْعَلِيِّ الْعَظَيْمِ فَيا حَبَّذَا مِنْ هَذِهِ السِّدَرَةِ الَّتِي اَرْتَفَعَتْ بِالْحَقِّ لِيَسْتَظلَّ فِي ظِلِّهَا الْعَالَمِينَ أَنْ يَا قَلَمَ الْأَعْلَى فَأَمْسِكْ زِمَامَكَ تَاللّهِ الْحَقِّ لَوْ تَنْطِقُ وَتَذْكُرْ نَغَمَاتِ الْأَثْمَارِ مِنْ شَجَرَةِ اللّهِ لَتَبْقى وَحِيدًا فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ النَّاسَ كُلُّهُمْ يَفِرُّنَّ عَنْ حَوْلِكَ وَيَنْفَضُّونَ عَنْ سَاحَةِ قُدْسِكَ وَإِنَّ هَذَا لَحَقٌّ يَقِينٌ فَيَا حَبَّذَا مِنْ أَسْرَارِ الَّتِي لَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَحْمِلَهَا أَحَدٌ إِلَّا اللّهُ الْمَلِكُ الْعَزِيزُ الْجَمِيلُ أَمَا رَأَيتَ يَا قَلَمُ بِأَنَّكَ مَا أَظْهَرْتَ إِلَّا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُحْصَى مِنْ أَسْرَارِ رَبِّكَ الْعَلِيِّ الْأَبْهَى كَيْفَ ارْتَفَعَتْ ضَجِيجُ الْمُنَافِقِينَ فِي الدِّيَارِ وَضَوْضَاءُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْأَشْرَارِ إِذًا خُذْ زِمَامَكَ ثُمَّ أَمْسِكْ ثُمَّ اسْتُرْ مَا أَعْطَاكَ بِجُودِهِ إِنْ تُرِيدَ أَنْ تَسْقِي الْمُمْكِنَاتِ مِنْ مآءِ الْعَذْبِ الْحَيَوَانِ الَّذِي جَعَلَكَ اللّهُ مَعِيْنَهُ فَاجْرِ عَلَى مِقْدَارِهِمْ كَذَلِكَ يَأْمُرُكَ الَّذِي خَلَقَكَ بِأَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ إِذًا فَاعْمَلْ بِمَا أُمِرْتَ وَلا تَكُنْ مِنَ الصَّابِرِينَ فَيَا حَبَّذَا مِنْ هَذَا الْحُكْمِ الَّذِي مِنْهُ أُخِذَ زِمَامُ الْمَوْجُودَاتِ وَمُنِعَ قَلَمُ الْأَعْلَى عَنْ ذِكْرِ مَا سُتِرَ مِنْ مَلَأِ الْإِنْشآءِ إِنَّهُ لَعَلَى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ.
الأيام التسعة - ص ٤٨ – ٥٤