طوبى لمن يقرئه في أيام شهر الصيام تعالى منزله
بسم الله الأقدس الأمنع الأعز العلي الأعلى
سبحانك اللهم يا إلهي هذه أيام فيها فرضت الصيام لكل الأنام ليزكى بها أنفسهم وينقطعن عما سوئك ويصعد من قلوبهم ما يكون لايقًا لمكامن عز أحديتك وقابلاً لمقر ظهور فردانيتك أي رب فاجعل هذا الصيام كوثر الحيوان وقدر فيه أثره وطهر به أفئدة عبادك الذين ما منعتهم مكارة الدنيا عن التوجه إلى شطر اسمك الأبهى وما اضطربهم ضوضاء الذين هم كفروا بآياتك الكبرى بعد الذي أظهرت نفسك بسلطنتك واقتدارك وعظمتك وإجلالك أولئك إذا سمعوا ندائك سرعوا إلى شطر رحمتك وما أمسكنهم شئونات العرضية والحدودات البشرية وأنا الذي يا إلهي أكون مقرا بوحدانيتك ومعترفًا بفردانيتك وخاضعًا لدى ظهورات عظمتك وخاشعًا عند بروزات أنوار عز أحديتك آمنت بك بعد الذي عرفتني نفسك وأظهرته بسلطانك وقدرتك وتوجهت إليه منقطعًا عن كل الجهات ومتمسكًا بحبل ألطافك ومواهبك وآمنت به وبما نزل عليه من بدايع أحكامك وأوامرك وصمت بحبك واتباعًا لأمرك وأفطرت بذكرك ورضائك أي رب لا تجعلني من الذينهم صاموا في الأيام وسجدوا لوجهك في الليالي وكفروا بنفسك وأنكروا آياتك وجاحدوا برهانك وحرفوا كلماتك أي رب فافتح عيني وعين من أرادك لتعرفك بعينك وهذا ما أمرتنا به في كتابك الذي أنزلته على من اصطفيته بأمرك واختصصته بين بريتك وارتضيته لسلطنتك واجتبيته وأرسلته على بريتك فلك الحمد يا إلهي بما وفقتنا على الإقرار به والتصديق بما نزل عليه وشرفتنا بلقاء من وعدتنا به في كتبك وألواحك وإذًا يا إلهي قد توجهت إليك وتمسكت بعروة عطفك وجودك وتشبثت بذيل ألطافك ومواهبك أسئلك بأن لا تخيبني عما قدرته لعبادك الذينهم أقبلوا إلى حرم وصلك وكعبة لقائك وصاموا في حبك ولو أني يا إلهي أعترف بأن كل ما يظهر مني لم يكن قابلاً لسلطانك ولا يليق لحضرتك ولكن أسئلك باسمك الذي به تجليت على كل الأشياء بأسمائك الحسنى في هذا الظهور الذي أظهرت جمالك باسمك الأبهى بأن تشربني خمر رحمتك ورحيق مكرمتك الذي جرى عن يمين مشيتك لأتوجه بكلي إليك وأنقطع عما سوئك على شأن الذي لا أرى الدنيا وما خلق فيها إلا كيوم ما خلقتها ثم أسئلك يا إلهي بأن تنزل من سماء إرادتك وسحاب رحمتك ما يذهب عنا روائح العصيان يا من سميت نفسك بالرحمن وإنك أنت المقتدر العزيز المنان أي رب لا تطرد من أقبل إليك ولا تبعد من تقرب بك ولا تخيب من رفع أيادي الرجاء إلى شطر فضلك ومواهبك ولا تحرم عبادك المخلصين عن بدايع فضلك وإفضالك أي رب أنت الغفور وأنت الكريم وأنت المقتدر على ما تشاء وما سوئك عجزآء لدى ظهورات قدرتك وفقرآء لدى آثار غنائك وعدمآء عند ظهورات عز سلطنتك وضعفآء عند شئونات قدرتك أي رب هل دونك من مهرب لنهرب إليه أو سويك من ملجاء لأسرع إليه لا فو عزتك لا عاصم إلا أنت ولا مقر إلا أنت ولا مهرب إلا إليك أي رب أذقني حلاوة ذكرك وثنائك فو عزتك من ذاق حلاوته انقطع عن الدنيا وما خلق فيها وتوجه إليك مطهرًا عن ذكر دونك فيا إلهي فألهمني من بدايع ذكرك لأذكرك بها ولا تجعلني من الذين يقرئون آياتك ولا يجدون ما قدر فيها من نعمتك المكنونة التي تحيي بها أفئدة بريتك وقلوب عبادك أي رب فاجعلني من الذين أخذتهم نفحات آياتك على شأن أنفقوا أرواحهم في سبيلك وسرعوا إلى مقر الفداء شوقًا لجمالك وطلبًا لوصالك وإذا قيل لهم في الطريق إلى أي مقر تذهبون قالوا إلى الله الملك المهيمن القيوم وما منعهم ظلم الذينهم أعرضوا عنك وبغوا عليك من حبهم إياك وتوجههم إليك وإقبالهم إلى شطر رحمتك أولئك عباد يصلين عليهم أهل ملأ الأعلى ويكبرن أهل مداين البقاء ثم الذينهم رقم على جبينهم من قلمك الأعلى "هؤلاء أهل البهاء وبهم ظهرت أنوار الهدى" وكذلك قدر في لوح القضاء بأمرك وإرادتك فيا إلهي كبر عليهم وعلى الذين طافوا في حولهم في حيوتهم ومماتهم ثم ارزقهم ما قدرته لخيرة خلقك إنك أنت المقتدر المهيمن العزيز الوهاب أي رب لا تجعل هذا الصوم آخر صومنا وآخر عهدنا ثم اقبل ما عملناه في حبك ورضائك وما ترك عنا بما غلبت علينا شئونات النفس والهوى ثم استقمنا على حبك ورضائك ثم احفظنا من شر الذين هم كفروا بك وبآياتك الكبرى وإنك أنت رب الآخرة والأولى لا إله إلا أنت العلي الأعلى وكبر اللهم يا إلهي على النقطة الأولية والسر الأحدية والغيب الهوية ومطلع الألوهية ومظهر الربوبية الذي به فصلت علم ما كان وما يكون وأظهرت لئالي علمك المكنون وسر اسمك المخزون وجعلته مبشرًا للذي باسمه ألف الكاف بركنه النون وبه ظهرت سلطنتك وعظمتك واقتدارك ونزلت آياتك وفصلت أحكامك ونشرت آثارك وحققت كلمتك وبعثت قلوب أصفيائك وحشرت من في سمائك وأرضك الذي سميته بعلي قبل نبيل في ملكوت أسمائك وبروح الروح في ألواح قضائك وأقمته مقام نفسك ورجعت كل الأسماء إلى اسمه بأمرك وقدرتك وبه انتهت أسمائك وصفاتك وله أسماء في سرادق عصمتك وفي عوالم غيبك ومدائن تقديسك وعلى الذين آمنوا بآياتك وتوجهوا إليك منقطعًا عما سواك من الذين اعترفوا بوحدانيتك في ظهوره كرةً أخرى الذي كان مذكورًا في ألواحه وكتبه وصحفه وفي كل ما نزل عليه من بدايع آياتك وجواهر كلماتك وأمرته بأن يأخذ عهد نفسه قبل عهد نفسه ونزل البيان في ذكره وثنائه وإثبات حقه وإظهار سلطنته وإتقان أمره طوبى لمن أقبل إليه وعمل بما أمر به من عنده يا إله العالمين ومقصود العارفين فلك الحمد يا إلهي بما وفقتنا على عرفانه وحبه أسئلك به وبمظاهر ألوهيتك ومطالع ربوبيتك ومخازن وحيك ومكامن إلهامك بأن توفقنا على خدمته وطاعته وتجعلنا ناصرًا لأمره ومخذلاً لأعدائه وإنك أنت المقتدر العزيز المنان.
كتاب تسبيح وتهليل ص ٢٩ – ٣٦