أَيْ رَبِّ أَنْتَ أَنْشَأْتَنِي بِفَضْلِكَ فِي مِثْلِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وأَنَا ذَا عَلَى جَبَلٍ وَحْدَهُ، سُبْحَانَكَ لَكَ الحَمْدُ بِمَا أَنْتَ تُحِبُّ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ والأَرْضِ، وَلَكَ المُلْكُ فِي غَياهِبِ مَلَكُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ، أَيْ رَبِّ قَدْ خَلَقْتَنِي بِفَضْلِكَ وَحَفِظْتَنِي فِي ظُلُماتِ البُطُونِ بِمَنِّكَ وَرَزَقْتَنِي بِدَمِ الحَيَوَانِ بِلُطْفِكَ ثُمَّ لَمَّا صَوَّرْتَنِي بِأَحْسَنِ صُورَةٍ مِنْ فَضْلِكَ وَأَتْمَمْتَ خَلْقِي بِأَحْسَنِ صُنْعٍ مِنْ عِنْدِكَ وَنَفَخْتَ مِنْ رُوحِكَ فِي جَسَدِي بِمُنْتَهَى رَحْمَتِكَ وَظُهُورِ فَرْدَانِيَّتِكَ، هُنَالِكَ قَدْ أَخْرَجْتَنِي مِنْ عَالَمِ البُطونِ إِلى عَالَمِ الظُّهُورِ عُرْيانًا ما كُنْتُ أَعْلَمُ شِيْئًا وَلا أَسْتَطِيعُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ رزَقْتَنِي بِلُطْفِكَ مِنْ لَبَنٍ طَرِيٍّ وَرَبَّيْتَنِي فِي أَيْدِي الأُمَّهَاتِ وَالآبآءِ بِلُطْفٍ جَلِيٍّ حَتَّى عَلَّمْتَنِي مَوَاقِعَ الأَمْرِ مِنْ فَضْلِكَ وَعَرَّفْتَنِي مِنْهَاجَ الدِّينِ مِنْ كِتَابِكَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ إِلَى مُنْتَهَى حَدِّ البُلُوغِ أَشْهَدْتَنِي ذِكْرَكَ المَمْنُوعَ وَأَصْعَدْتَنِي إِلَى مَقامٍ مَعْلُومٍ وَرَبَّيْتَنِي هُنالِكَ بِلَطَائِفِ صُنْعِكَ وَرَزَقْتَنِي عَلَى تِلْكَ الأَرْضِ بِأَكْرَمِ آلائِكَ حَتَّى قُضِيَ ما قَضَيْتَ فِي كِتَابِكَ، قَدْ أَصْعَدْتَنِي بَفَضْلِكَ إِلَى أَعْلَى رَوْضَة القُدْسِ وَأَنْزَلْتَنِي بِمَنِّكَ عَلَى حَظِيرةِ الأُنْسِ حَتَّى اسْتَدْرَكْتُ فِيهِ مِنْ ظُهُوراتِ رَحْمَانِيَّتِكَ وَشُئُونَاتِ فَرْدَانِيَّتِكَ وَتَجَلِّياتِ كِبْريائِيَّتِكَ وَبِدَايَاتِ أَحَدِيَّتِكَ وَنِهَايَاتِ قَيُّومِيَّتِكَ وَآياتِ وَاحِدِيَّتِكَ وَعَلامَاتِ سُبُّوحِيَّتِكَ وَمَقَامَاتِ قُدُّوسِيَّتِكَ ومَا لا يُحِيطُ بِعِلْمِ أَحَدٍ دُونَكَ...
الأيام التسعة - ص ١٧