قَدْ طَلَعَ جَمَالُ الْقُدْسِ عَنْ خَلْفِ الْحِجَابِ وَإِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ، وَانْصَعَقَتِ الأَرْوَاحُ مِنْ نَارِ الانْجِذَابِ وَإِنَّ هَذَا لأَمْرٌ عُجَابٌ، ثُمَّ أَفَاقَتْ وَطَارَتْ إِلَى سُرَادِقِ الْقُدْسِ فِي عَرْشِ الْقِبَابِ وَإِنَّ هَذَا لَسِرٌّ عُجَابٌ، قُلْ كَشَفَتْ حُورُ الْبَقَاءِ عَنْ وَجْهِهَا النِّقَابِ وَتَعَالَى جَمَالُ بِدْعٍ عُجَابٌ، وَأَشْرَقَتْ أَنْوَارُ الْوَجْهِ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّحَابِ وَإِنَّ هَذَا لَنُورٌ عُجَابٌ، وَرَمَتْ بِلِحاظِهَا رَمْيَ الشَّهَابِ وَإِنَّ هَذَا لَرَمْيٌ عُجَابٌ، وَأَحْرَقَتْ بِنَارِ الْوَجْهِ كُلَّ الأَسْمَآءِ وَالأَلْقَابِ وَإِنَّ هَذَا لَفِعْلٌ عُجَابٌ، وَنَظَرَتْ بِطَرْفِهَا إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَالتُّرَابِ وَإِنَّ هَذَا لَطَرْفٌ عُجَابٌ، إِذًا اهْتَزَّتْ هَيَاكِلُ الْوُجُودِ ثُمَّ غَابَ وَإِنَّ هَذَا لَمَوْتٌ عُجَابٌ، ثُمَّ ظَهَرَتْ مِنْهَا الشَّعْرَةُ السَّوْدَآءُ كَطِرَازِ الرُّوحِ فِي ظُلْمَةِ الْعِقَابِ وَإِنَّ هَذَا لَلَوْنٌ عُجَابٌ، وَسَطَعَتْ مِنْهَا رَوَائِحُ الرُّوحِ وَالأَطْيَابِ وَإِنَّ هَذَا لَمِسْكٌ عُجَابٌ، بِيَدِهَا الْيُمْنَى الْخَمْرُ الْحَمْرَآءُ وَفِي الْيُسْرَى قِطْعَةٌ مِنَ الْكَبَابِ وَإِنَّ هَذَا لَفَضْلٌ عُجَابٌ، وَكَفُّهَا بِدَمِ الْعُشَّاقِ مُحْمَرٌّ وَخَضَابٌ وَإِنَّ هَذَا لأَمْرٌ عُجَابٌ، وَأَدَارَتْ خَمْرَ الْحَيَوانِ بِأَبَارِيقَ وَأَكْوَابٍ وَإِنَّ هَذَا لَكَوْثَرٌ عُجَابٌ، وَغَنَّتْ عَلَى اسْمِ الْحَبِيبِ بِعُودٍ وَرَبَابٍ وَإِنَّ هَذَا تَغَنٍّ عُجَابٌ، إذًا ذَابَتِ الأَكْبَادُ مِنْ نَارٍ وَالْتِهَابٍ وَإِنَّ هَذَا لَعِشْقٌ عُجَابٌ، وَأَعْطَتْ رِزْقَ الْجَمَالِ بِلا مِيزانٍ وَحِسَابٍ وَإِنَّ هَذَا لَرِزْقٌ عُجَابٌ، فَسَلَّتْ سَيْفَ الْغَمْزِ عَلَى الرِّقَابِ وَإِنَّ هَذَا لَضَرْبٌ عُجَابٌ، تَبَسَّمَتْ وَظَهَرَتْ لآلِئُ الأَنْيَابِ وَإِنَّ هَذَا لُؤْلُؤٌ عُجَابٌ، إذًا صَاحَتْ أَفْئِدَةُ أُولِي الأَلْبَابِ وَإِنَّ هَذَا لَزُهْدٌ عُجَابٌ، وَأَعْرَضَ عَنْهَا كُلُّ مُتَكَبِّرٍ مُرْتَابٍ وَمَا هَذَا إِلاَّ مُعْرِضٌ عُجَابٌ، فَلَمَّا سَمِعَتْ رَجَعَتْ إِلَى الْقَصْرِ بِحُزْنٍ وَإِنَابٍ وَإِنَّ هَذَا لَهَمٌّ عُجَابٌ، جَاءَت وَرَجَعَتْ وَتَعَالَى ذِهَابٌ وَإِيَابٌ وَإِنَّ هَذَا لَحُكْمٌ عُجَابٌ، وَضَجَّتْ فِي سِرِّهَا بِنِدَاءٍ يُفْنِي الْوُجُودَ ثُمَّ يُغَابُ وَإِنَّ هَذَا لَحُزْنٌ عُجَابٌ، وَفَتَحَتْ كَوْثَرَ الْفَمِ بِخِطَابٍ وَعِتَابٍ وَإِنَّ هَذَا سَلْسَبِيلٌ عُجَابٌ، وَقَالَتْ لِمَ تُنْكِرُونَنِي يَا أَهْلَ الْكِتَابِ وَإِنَّ هَذَا لأَمْرٌ عُجَابٌ، أَأَنْتُمْ أَهْلُ الْهُدَى وَهَلْ أَنْتُمُ الأَحْبَابُ تَاللهِ هَذَا لَكَذِبٌ عُجَابٌ، وَقَالَتْ مَا نَرْجِعُ إِلَيْكُمْ يَا أَيُّهَا الأَصْحَابِ وَإِنَّ هَذَا لَرَجْعٌ عُجَابٌ، وَنَسْتُرَ أَسْرَارَ اللهِ مِنَ الصَّحَائِفِ وَالْكِتَابِ وَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مِنْ عَزِيزٍ وَهَّابٍ، وَلَنْ تَجِدُونِي إِلاَّ إِذَا ظَهَرَ الْمَوْعُودُ فِي يَوْمِ الإِيَابِ وَعَمْرِي إِنَّ هَذَا لَذُلٌّ عُجَابٌ.
الأيام التسعة - ص ١٣٨