بِسْمِ اللّهِ الأَبْدَعِ الأَبْهَى
أَنْ يَا قَلَمَ الأَعْلَى فَاشْهَدْ فِي نَفْسِكَ بِأَنَّهُ هُوَ اللّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا المُهَيمِنُ القَيُّومُ * ثُمّْ اشْهَدْ بِذَاتِكَ بِأَنِّي أَنَا اللّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَكُلٌّ خُلِقُوا بِأَمْرِي وَكُلٌّ بِأَمْرِي يَعْمَلُونَ * ثُمَّ اشْهَدْ بِكَيْنُونَتِكَ بِأَنَّ هَذَا لَجَمَال اللّه قَدْ أَشْرَقَ عَنْ أُفُقِ الغَيبِ وَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ دُوْنِهِ وَلَنْ يَعْرِفَ سِوَاهُ وَأَنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ العَزِيزُ المَحْبُوبُ * وَمِنْ تَجَلِّيٍّ مِنْهُ أَشْرَقَت شُمُوسُ العَظَمَةِ وَالكِبْرِيَاءِ وَخُلِقَتْ أَفْئِدَةُ أَهْلِ مَلَإِ البَقَاءِ ثُمَّ حَقَايقُ القُدْسِ خَلْف حُجُبَاتِ العَمَاءِ وَظَهَرَت أَسْرَارُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ * أَنْ يَا قَلَمُ لَا تَنْصَعِقْ فِي نَفْسِكَ لِأَنَّا عَصَمْنَاكَ بِسُلْطَانِ القُوَّةِ وَالقُدْرَةِ وَنَفَخْنَا فِيْكَ مِنْ رُوحٍ لَوْ يُنْفَخُ مِنْهُ فِي أَجْسَادِ المُمْكِنَاتِ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُحْصَى لَيَقُومُنَّ كُلُّهُمْ عَنْ مَقَاعِدِهِم وَيَقُولُنَّ بِأَسُنِهِم وَيَنْطِقُّ بِذَوَاتِهِم وَيَشْهَدُنَّ بِكَيْنُونَاتِهِم بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا المُقْتَدِرُ المُتَعَظِّمُ المُتَعَالِيِ العَزِيزُ الفَرْدُ الغَالِبُ القَيُّومُ * أَنْ يَا قَلَمَ الأَمْرِ فَاسْتَقِمْ فِي ذَاتِكَ ثُمَّ اظْهِرْ فَضَلَكَ عَلَى المَوْجُودَاتِ عَمَّا أَعْطَاكَ اللّهُ قَبْلَ خَلْقِ الحُرُوفِ وَالكَلِمَاتِ وَقَبْلَ وُجُودِ المُمْكِنَاتَ وَقَبْلَ أَنْ يُذَوَّتَ مَلَكُوتُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَقَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ أَلْوَاحُ عِزٍّ مَحْفُوظٍ * قُلْ إِنَّ هَذِهِ لَعِزُّ مَا سَبَقَهُ عِزٌّ لَا مِنْ قَبْلِ القَبْلِ وَلَا مِنْ بَعْدِ البُعْدِ إِنْ أَنْتُم يَا مَلَأَ الرُّوْحِ تَفْقَهُونَ * وَإِنَّ هَذَا لَجَمَالٌ مَا سَبَقَهُ جَمَالٌ مِنْ أَوَّلَ الَّذِي لَا أَوَّلَ لَهُ إِنْ أَنْتُم تَعْلَمُونَ * قُلْ مَنْ خَطَرَ فِي قَلْبِهِ بِالتَّقَابُلِ بِهَذَا القَلَمِ أَوْ المُشَارَكَةِ مَعَهُ أَوْ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ أَوْ عِرْفَانُ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ لَيُوْقِنُ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ وَسْوَسَ فِي نَفْسِهِ كَذَلِكَ نُزِّلَ الأَمْرُ إِنْ أَنْتُم تُشْعَرُونَ * قُلْ تَاللّهِ مَا سَبَقَنِي أَحَدٌ فِي الإِبْدَاعِ وَلَنْ يَسْبِقَنِي نَفْسٌ وَهَذَا مَا رُقِمَ حَيْنَئِذٍ مِنْ أَنَامِلِ قُدْسٍ قَيُّومٍ * قُلْ إِنَّ بِحَرْفٍ عَمَّا ظَهَرَ مِنِّي خُلِقَتِ المُمْكِنَاتُ وَحَقَايِقُ المَوْجُودَاتُ وَعَوَالِمُ الَّتِي مَا اطَّلَعَ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا نَفْسِيَ العَزِيزُ المَشْهُودُ * أَنْ يَا قَلَمُ فَاشْهَدْ مَا يَقُولُونَ المُشْرِكُونَ فِي حَقِّكَ قُلْ يَا مَلَأَ البَغْضَاءِ مُوْتُوا بِغَيْظِكُم ثُمَّ بِحَسَدِكُمْ ثُمَّ بِكُفْرِكُم تَاللّهِ الحَقِّ إِنَّ هَذَا لَقَلَمٌ بِإِرَادَةٍ مِنْهُ خُلِقَتْ أَرْوَاحُ مَلَأِ الأَعْلَى ثُمَّ حَقَايِقُ أَهْلِ البَقَاءِ ثُمَّ جَوَاهِرُ الأَفْئِدَةِ وَالعُقُولِ وَبِأَثَرٍ مِنْهُ خُلِقَتْ شُمُوسُ العِزَّةِ وَالعَظَمَةَ وََالرَّفْعَةِ ثُمَّ أَنْجُمُ العِنَايَةِ وَالمَكْرُمَةِ وَبِهِ ظَهَرَتِ الجِنَانُ وَالرِّضْوَانُ وَمَا عَلَيْهِ إِنْ أَنْتُم تَعْرِفُونَ * قُلْ بِحَرَكَةٍ مِنِّي ظَهَرَ عِلْمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ ثُمَّ خَلْقُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ إِذًا فَافْتَحُوا عُيُونَكُم لَعَلَّ أَنْتُم تَشْهَدُونَ * أَنْ يَا قَلَمُ فَاكفِ بِمَا أَلْقَيْتَ عَلَى المَمْكِنَاتِ مِنْ سُلْطَانِكَ وَقُدْرَتِكَ لِأَنَّ قُلُوبَ المُغِلِّيَن تَكَادُ أَنْ تَمَيَّزَ مِنَ الغِلِّ فَاسْتُرْ أَمْرَكَ وََلا تَنْشُرْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ سَمَوَاتِ القِدَمِ تَنْفَطِرُ عَنْ ذَلِكَ وَأَرْضَ القُدْسِ تَنْشَقُّ فِي نَفْسِهَا وَأَهْلَ حُجُبَاتِ الأُنْسِ فِي فِرْدَوْسِ العَظَمَةِ كُلُّهُم يَنْصَعِقُونَ * أَنِ اصْبِرْ فِي نَفْسِكَ لِأَنَّ مَنْ عَلَى الأَرْضِ لَنْ يَسْتَطِيْعُنَّ أَنْ يَشْهَدُنَّ سُلْطَانَكَ وَيَسْمَعُنَّ وَيَشْهَدُنَّ مِنْ شُئُونَاتِكَ فَكَيْفَ مُوجِدُكَ وَخَالِقُكَ الَّذِي خُلِقْتَ بِقَوْلٍ مِنْهُ فَتَعَالَى رَبُّكَ عَمَّا يَجْرِي مِنْهُ مِنْ بَعْدُ وَظَهَرَ مِنْكَ عَنْ قَبْلُ فَتَعَالَى عَمَّا عَرَفَهُ المُخْلُصُونَ * إِيَّاكَ إِيَّاكَ فَاكْفِ بِمَا ظَهَرَ مِنْكَ تَاللّهِ الحَقِّ لَوْ يُقَابِلُنَّ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الأَشْجَارِ وَالأَثْمَارِ وَالأَوْرَاقِ وَالأَفْنَانِ وَالأَغْصَانِ وَالمِيَاهِ وَالبِحَارِ وَالجِبَالِ بِحَرْفٍ عَمَّا ظَهَرَ مِنْكَ لَيَنْطِقُنَّ فِي أَنْفُسِهِم بِمَا نَطَقَتْ شَجَرَةُ الطُّورِ عَلَى عَرْشِ الظُّهُورِ لِمُوْسَى الكَلِيْمِ فِي وَادِي قُدْسٍ مَبْرُوْكٍ * أَنْ يَا قَلَمُ فَانْصِتْ عَنْ بَدَايِعِ الذِّكْرِ فِيْمَا أَعْطَاكَ اللّهُ ثُمَّ انْقَطِعْ عَمَّا عِنْدِكَ ثُمَّ بَشِّرِ النَّاسَ بِالكَلِمَةِ الأَكْبَرِ فِي هَذَا الظُّهُورِ الأَعْظَمِ لَعَلَّ يَعْرِفُنَّ بَارِئَهُم بِنَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ دُوْنِهِ يَنْقَطِعُونَ * ثُمَّ قُلْ يَا أَهْلَ مَلَأِ الأَعْلَى وَيَا أَهْلَ مَلَأِ العَظَمَةِ فِي سُرَادِقِ الكِبْرِيَاءِ وَيَا أَهْلَ جَبَرُوتِ القُدْرَةِ خَلْفَ خِبَاءِ الأَبْهَى وَيَا أَهْلَ مَلَكُوتِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فِي حُجُبَاتِ العَمَاءِ عَيِّدُوا فِي أَنْفُسِكُم فِي هَذَا العِيْدِ الأَكْبَرِ الَّذِي فِيْهِ يُسْقِي اللّهُ بِنَفَسْهِ رَحِيْقَ الأَطْهَرِ لِلَّذِيْنَهُم قَامُوا لَدَى الوَجْهِ بِخُضُوعٍ مَحْبُوبٍ * ثُمَّ زَيِّنُوا أَنْفُسَكُم مِنْ حَرِيِرِ الإيْقَانِ ثُمَّ أَجْسَادَكُم مِنْ سُنْدُسِ الرَّحْمَنِ بِمَا ظَهَرَ وَأَشْرَقَ ثُمَّ طَلَعَ وَأَبْرَقَ نُورٌ عَنْ مَشْرِقِ الجَبِينِ وَسَجَدَ عِنْدَ ظُهُورِهِ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنْ أَنْتُم تَفْقَهُونَ * قُلْ تَاللّهِ الحَقِّ مَا ظَهَرَ شِبْهُهُ فِي الإِبْدَاعِ وَمَنْ أَقَرَّ بِغَيْرِ ذَلِكَ شَهِدَ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ اللّهُ وَيَكُونُ مِنَ المُشْرِكِينَ فِي أَلْوَاحِ عِزٍّ مَحْفُوظٍ * قُلْ هَذَا لَنُورٌ خَلَقَ اللَّاهُوتَ وَحَقَائِقَهَا وَبَعَثَ هَيَاكِلَ أَهْلِ الجَبَرُوتِ وَذَوَاتِهَا وَبِهِ خَلَقَ اللّهُ عَوَالِمَ لَا لَهَا مِنْ بِدَايَة وَلَا نِهَايَة وَمَا اطَّلَعَ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا مَنْ شَاءَ رَبُّهُ كَذَلِكَ نُلْقِي عَلَيْكُمُ الأَسْرَارَ لَعَلَّ أَنْتُم فِي آثارِ اللّهِ تَتَفَكَّرُونَ * قُلْ هَذَا لَنُورٌ قَدْ خَضَعَتْ عِنْدَ تَجَلِّيْهِ كُلُّ أَعْنَاقٍ وَسَجَدَتْ لَدَى ظُهُورِهِ أَرْوَاحُ المُقَرَّبِينَ ثُمَّ أَفْئِدَةُ المُقَدَّسِينَ ثُمَّ حَقَايِقُ المُسَبِّحِينَ ثُمَّ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * أَنْ يَا أَهْلَ حَرَمَ القُدْسِ تَاللّهِ هَذَا لَحَرَمُ اللّهِ فِيْكُم وَحِلُّ القُدْسِ بَيْنَكُم وَمَشْعَرَ الرُّوْحِ تِلْقَاءَ وُجُوهِكُم وَمَقَامُ الأَمْنِ فِي السِّرِّ وَالعَلَنِ * إِيَّاكُم أَنْ تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُم عَنْ حَرَمِ العِرْفَانِ فَاسْرِعُوا إِلَيْهِ وََلا تَكُونُنَّ مِنَ الَّذِيْنَهُم مُتَوَقِّفُونَ * وَهَذَا حَرَمٌ يَطُوفُنَّ فِي حَوْلِهِ هَيَاكِلُ الأَحَدِيَّةِ ثُمَّ حَقَايِقُ الصَّمَدِيَّهِ ثُمَّ ذَوَاتُ القِدْمِيَّةِ وَجَعَلَ اللّهُ فِنَائِهِ مُقَدَّسًا عَنْ مَسِّ كُلِّ مُشْرِكٍ مَرْدُودٍ * وَتُبْرِكُنَّ بِخِدْمَتِهِ حُورِيَّاُت الفِرْدَوْسِ ثُمَّ أَهْلُ غُرُفَاتِ الأَفْريْدُوسِ ثُمَّ أَهْلُ حَظَائِرِ القُدْسِ وَمَقَاعِدِ الأُنْسِ وَلَكِنَّ النَّاسَ أَكْثَرَهُم لَا يَفْقَهُونَ * أَنِ اخْرُجُوا يَا أَهْلَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ مِنْ مَقَاعِدِكُم لِلْحَجِّ الأَكْبَرِ فِي هَذَا الجَمَالِ المُشْرِقِ الأَطْهَرِ فَلَمَّا شَهِدَ اللّهُ عَجْزَ أَنْفُسِكُم عَفَى عَنْكُم وَلَكِنْ أَنْتُم بِقُلُوبِكُم فَاسْرِعُونَ * وَلَنْ يُوْفِقَ بِذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا الَّذِيْنَ لَنْ يَشْهَدُنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كَيَوْمٍ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَذْكُورًا * أُوْلَئِكَ يَسْقُوْنَ مِنْ أَيَادِي رَبِّهِم رَحِيْقَ قُدْسٍ مَخْتُومٍ وَمَنْ يَتَوَجَّه إِلَى هَذَا الشَّطْرِ الأَطْهَرِ الأَنْوَرِ لَيَطُوْفُنَّ فِي حَوْلِهِ شُمُوسٌ مُشْرِقَاتٌ الَّتِي مَا قُدِّرَ لَهَا مِنْ أَوَّلٍ وَلَا مِنْ آخِرٍ وَيَسْتَشْرِقُ عَنْ أُفْقِ قَلْبِهِ شَمْسُ الشُّمُوسِ الَّتِي تُظْلَمُ عِنْدَ ضِيَائِهَا شُمُوسُ الأَسْمَاءِ إِنْ أَنْتُم تَعْرِفُونَ * أَنْ يَا قَلَمُ أَذِّنْ بَيْنَ مَلَأِ القِدَمِ وَقُلْ أَنْ يَا أَهْلَ مَيَادِيْنِ البَقَاءِ وَيَا أَهْلَ سُرَادِقِ الكِبْرِيَاءِ ثُمَّ يَا جَوَاهِرَ الغَيْبِ عَنْ أَعْيُنِ أَهْلِ الإِنْشَاءِ أَنْ أَنْزِلُوا عَنْ مَقَاعِدِكُم ثُمَّ تَهَلَّلُوا وَتَكَبَّرُوا وَتَكَرَّعُوا عَنْ كُوُؤْبِ البَقَاءِ مِنْ أَنَامِلِ الأَبْهَى مِنْ هَذَا الغُلَامِ الأَعْلَى فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي مَا شَهِدَتْ عُيُونُ الإِبْدَاعِ شِبْهَهُ وَلَا بَصَرُ الإِخْتِرَاعِ مِثْلَهُ وَفِيْهِ قَرَّتْ عُيُونُ العَظَمَةِ عَلَى مَقْعَدِ عِزٍّ مَحْمُودٍ * أَنْ يَا حَمَلَةَ العَرْشِ زَيِّنُوا عَرْشَ الأَعْظَمِ فِي هَذَا اليَوْمِ لِأَنَّ فِيْهِ ظَهَرَ جَمَالُ المَكْنُونِ الَّذِي مَا فَازَ بِلِقَائِهِ أَهْلُ فِرْدَوْسِ الأَعْلَى وَلَا أَهْلُ جَنَّةِ المَأْوَى * قُلْ تَاللّهِ قَدْ ظَهَرَ غَيْبُ المَكْنُونِ بِأَتَمِّهِ وَقَرَّتْ عُيُونُ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ ثُمَّ عُيُونُ الَّذِيْنَهُم طَهَّرُوا أَنُفُسَهُم بِمَا رَشَّحَ عَلَيْهِم كَوْثَرُ القُدْسِ مِنْ بَحْرِ إِسْمِ رَبِّهِمُ المَشْهُودِ * قُلْ هَذَا يَوْمٌ فِيْهِ عَرَّفَ اللّهُ نَفْسَهُ عَلَى كُلِّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ اسْتَعْلَى بِسُلْطَانِهِ عَلَى مَنْ فِي مَلَكُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ فَتَعَالَى مِنْ هَذَا الفَضْلِ المُقَدَّسِ المُبَارَكِ المَحْبُوبِ * وَهَذَا يَوْمٌ فِيْهِ ظَهَرَ جَمَالُ القِدَمِ بِطِرَازِ الَّذِي بِهِ شُقَّتِ الأَسْتَارُ وَظَهَرَتِ الأَسْرَارُ وَبَرَزَتِ الأَثْمَارُ مِنَ الأَشْجَارِ وَنَطَقَتِ الأَشْيَاءُ فِي ذِكْرِ رَبِّهم المُخْتَارِ وَبَرَزَتِ الأَرْضُ بِمَا فِيْهَا وَالسَّمَاءُ بِمَا عَلَيْهَا وَالجِبَالُ بِمَا فِي سِرِّهَا وَالبِحَارُ بِمَا فِي قَعْرِهَا وَلَوْ هُمْ كَانُوا فِي أَنْفُسِهِم مُحْتَجِبُونَ * وَهَذَا يَومٌ فِيْهِ كُسِرَتْ أَصْنَامُ الشِّرْكِ وَالهَوَى وَاسْتَوَى جَمَالُ القِدَمِ عَلَى عَرْشِ الأَعْظَمِ يَوْمَئِذٍ نَطَقَتْ رُوْحُ الأَكْبَرِ عَنْ مَكْمَنِ البَقَاءِ وَرُوْحُ القُدْسِ عَنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى وَرُوْحُ الأَمْرِ عَنْ شَجَرَةِ القُصْوَى وَرُوْحُ العِزِّ مِنْ جَبَرُوتِ الأَعْلَى بِأَنْ تَبَارَكَ الرَّحْمَنُ الَّذِي ظَهَرَ فِي الأَكْوانِ بِمَا لَا أَدْرَكَتْهُ العُيُونُ * قُلْ هَذَا الَّذِي بِحَرَكَةٍ مِنْ إِصْبَعِهِ لَيَنْعَدِمُنَّ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَبِكَلِمَةٍ مِنْ فَمِهِ لَيُحْيَيُنَّ كُلُّ المُوْجُودَاتِ وَبِإِشَارَةٍ مِنْ طَرْفِهِ يَنْقَلِبُنَّ كُلُّ الوُجُودِ إِلَى شَطْرِ اللّهِ المُهَيْمِنِ العَزِيزِ الوَدُوْدِ * قُلْ أَنْ يَا مَلَأَ الرُّهْبَانِ عَزِّلُوا كَنَائِسَ التَّسْبِيحِ لِأَنَّ الَّذِي رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قَدْ نَزَلَ بِالحَقِّ وَيَطُوْفُ حَوْلَ العَرْشِ تَاللّهِ الحَقِّ إِنَّ اليَوْمَ يَصِيْحُ النَّاقُوسُ عَلَى ذِكْرِي وَيُنَادِي النَّاقُورُ عَلَى وَصْفِي وَالصُّورُ بِإسْمِي المُهَيْمِنِ القَيُّومِ * لَا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُم مِنْ فَضْلِ هَذَا اليَوْمِ ثُمَّ أَسْرِعُوا إِلَى مَقَرِّ العَرْشِ وَدَعُوا مَا عِنْدكُم وَتَمَسَّكُوا بِحَبْلِ اللّهِ القَائِمِ الظَّاهِرِ النَّاطِقِ المَشْهُودِ * أَنْ يَا أَهْلَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ غَنُّوا وَتَغَنُّوا فِي هَذَا العَيْدِ الَّذِي ظَهَرَ بِالحَقِّ وَمَا فَازَ بِهِ أَحَدٌ لَا مِنْ قَبْلُ وَلَا مِنْ بَعْدُ إِنْ أَنْتُم تَعْلَمُونَ * وَقَدْ رَفَعَ اللّهُ فِيْهِ القَلَمَ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهَذَا مَا أَشْرَقَ بِهِ حُكْمُ القِدَمِ عَنْ مَشْرِقِ القَلَمِ لِتَفْرَحُنَّ فِي أَنْفُسِكُم وَتَكُونُنَّ مِنَ الَّذِيْنَهُم يَفْرَحُونَ * أَنْ يَا قَلَمُ فَاْخِبْر حُوْرِيَّةَ الفِرْدَوْسِ قُلْ تَاللّهِ الحَقِّ اليَوْمُ يَوْمُكَ فَاظْهَرِي كَيْفَ تَشَاءُ ثُمَّ البسي إِسْتَبْرَقَ الأَسْمَاءِ وَسُنْدُسَ البَيْضَاءِ كَيْفَ تُرِيْدِيْنَ * ثُمَّ اخْرُجِي عَنْ غُرَفِ البَقَاءِ كَالشَّمْسِ المُشْرِقِ عَنْ جَبِينِ البَهَاءِ ثُمَّ انْزِلِي عَنْ مَكْمَنِ الأَعْلَى وَقِفِي بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ثُمَّ اكَشِفِي بُرْقَعَ السِّتْرِ عَنْ وَجْهِك الحَوْرَاءِ لَعَلَّ بِذَلِكَ تَنْشَقُّ حُجُبَاتُ الأَكْبَرِ عَنْ وَجْهِ هَؤُلَاءِ وَيَنْظُرُنَّ بِالمَنْظَرِ الأَكْبَرِ جَمَالُ اللّهِ المُقَدَّسِ العَزِيزِ المَحْبُوبِ * أَنْ يَا قُرَّة القِدَمِ تَاللّهِ إِنَّ المُشْرِكِينَ فِي سَكْرَانٍ مِنَ الوَهْمِ وَلَنْ يَقْدِرُنَّ أَنْ يُرْجِعُنَّ البَصَرَ إِلَى شَطْرِ الأَطْهَرِ وَإِنَّكَ بِسُلْطَانِ عِصْمَتِكَ عَصَمْتَنِي خَلْفَ حُجُبَاتِ النُّوْرِ وَتَحَرَّمْتَ جَمَالِي عَنْ مُشَاَهَدِة أَعْدَائِكَ وَكَانَ الأَمْرُ بِيَدِكَ وَأَنْتَ الحَاكِمُ كَيْفَ تَشَاءُ بِقَوْلِكَ كُنْ فَيَكُونُ * أَن يَا حُورِيَّةَ البَهَاءِ أَن اخْرُجِي مِنْ مَكْمَنِ البَقَاءِ ثُمَّ طَهِّرِي بَصَرَكَ الأَطْهَرَ عَنْ وُجُوهِ البَشَرِ تَاللّهِ الحَقِّ لَنْ يُدْرِكَكِ إِلَّا أَهْلُ النَّظَرِ مِنْ هَذَا المَنْظَرِ الأَكْبَرِ * دَعِي مَلَكُوتَ الأَسْمَاءِ عَنْ يَمِيْنِكِ وَجَبَرُوْتَ الصِّفَاتِ عَنْ يَسَارِكِ ثُمَّ اشْرِقِي بِإِذْنِي عَنْ أُفُقِ عِصْمَتِي عَرِّيَةً عَمَّا خُلِقَ فِي جَبَرُوْتِ الأَمْرِ وَمُعَرّيةً عَمَّا ذُوِّتَ فِي مَلَكُوْتِ الخَلْقِ لِيَظْهَرَ بِكَ طِرَازُ اللّهِ فِي كُلِّ مَا سِوَاهُ ثُمَّ غَنَّى عَلَى أَحْسَنِ النَّغَمَاتِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ لَعَلَّ يَنْقَطِعُنَّ الوُجُودُ إِلَى وَجْهِ رَبِّكَ المُقَدَّسِ العَزِيزِ الوَدُودِ * أَنِ اطْلُعِي عَنْ أُفُقِ الرِّضْوَانِ بِجَمَالِ الرَّحْمَنِ وَعَلِّقِي حَوْلَ ثَدْيَيْكِ مِنْ جَعْدِكِ الرِّيْحَانِ لِتَهُبَّ عَلَى العَالَمِينَ نَفَحَاتُ رَبِّكَ المَنَّانِ إِيَّاكِ أَنْ تَسْتُرِي تَرَائِبَ المَفْصُولِ عَنْ مَلَأِ الظُّهُورِ وَغِلَالَةَ القُدْسِ عَنْ لَحَظَاتِ الأُنْسِ ثُمَّ ادْخُلِي تِلْقَاءَ العَرْشِ مُعَلَّقَةَ الشَّعْرِ مُحْمَرَّةَ الوَجْهِ مُزَيَّنَةَ الخَدِّ مَكْحُوْلَةَ العَيْنِ وَخُذِي باسْمِي الأَعْلَى كَاُؤْبَ البَيْضَاءَ عَلَى كَفِّكِ الحَوْرَاءِ ثُمَّ اسْقِي مَلَأَ البَقَاءِ رَحِيْقَ الحَمْرَاءِ مِنْ جَمَالِ اللهِ الأَبْهَى لَعَلَّ مَلَأَ الظُّهُورِ يَظْهَرُنَّ فِي هَذَا العِيْدِ المَشْهُورِ مِنْ هَذَا الخَمْرِ الطَّهُورِ عَنْ حُجُبَاتِ الغُيُورِ وَيَخْرُجُنَّ عَنْ خَلْفِ سُبُحَاتِ المَسْتُورِ بِسُلْطَانِي العَزِيزِ المُقْتَدِرِ المُهَيْمِنِ القَيُّومِ * تَاللّهِ الحَقِّ إِنِّي لَحُوْرِيَّةٌ قَدْ كُنْتُ عَلَى قُطْبِ الرِّضْوَانِ عَنْ خَلْفِ سِتْرِ الرَّحْمَن وَمَا أَدْرَكَتْنِي عُيُونُ أَهْلِ الإِمْكَانِ لَمْ يَزَلْ كُنْتُ مَسْتُورَةً عَنْ وَرَاءِ حِجَابِ العِصْمَةِ خَلْفَ سُرَادِقِ العَظَمَةِ سَمِعْتُ صَوْتَ الأَحْلَى عَنْ يَمِينِ عَرْشِ رَبِّيَ الأَعْلَى شَهِدْتُ بِأَنَّ الرِّضْوَانَ يَتَحَرَّكُ فِي نَفْسِهِ وَيَتَحَرَّك كُلُّمَا خُلِقَ فِيْهِ شَوقًا لِلْقَاءِ اللّهِ الأَبْهَى إِذًا ارْتَفَعَ نِدَاءٌ آخَرُ تَاللّهِ قَدْ ظَهَرَ مُحْبُوب العَالَمِينَ * فَطُوبَى لِمَنْ يَحْضُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُشَرَّفُ بِلِقَائِهِ وَيَسْمَعُ نَغَمَاتِ المُقَدَّسِ العَزِيزِ المَحْبُوبِ وَاسْتَجْذَبَ مِنْ نِدَاءِ اللّهِ أَفْئِدَةُ مَلَأِ الأَعْلَى ثُمَّ قُلُوبُ أَهْلِ مَيَاِدْيِن البَقَاءِ وَأَخَذَهُم جَذَبَاتُ الشَّوْقِ إِلَى مَقَاٍم كُلُّهُم اهْتَزُّوا فِي أَنْفُسِهِم وَتَوَجَّهُوا إِلَى شَطْرِ القُدْسِ مَقَامِ عِزٍّ مَمْنُوعٍ * وَإِنَّي لَوْ أُرْيِدُ أَنْ أَذْكُرَ مَا شَهِدْتُ فِي تِلْكَ الحَالَةِ لَنْ أَقْدِرَ وَلَوْ أَتَكَلَّمُ بِكُلِّ اللِّسَانِ وَمَعَ هَذَا الفَضْلِ الَّذِي أَحَاطَ كُلَّ الأَشْيَاءِ وَجَذْبِ الَّذِي أَخَذَ كُلَّ مَنْ فِي لُجَجِ الأَسْمَاءِ شَهِدْتُ بِأَنَّ مَلَأَ البَيَانِ فِي غَفْلَةٍ وَحِجَابٍ كَأَنَّهُم فِي أَجْدَاثِ الفَنَاءِ هُمْ مَيِّتُونَ * أَنْ يَا مَلَأَ البَيَانِ أَتَحْسِبُونَ بَعْدَ إِعْرَاضِكُم عَنْ هَذَا الظُّهُورِ أَنْتُم فِي سُبِيلِ الرُّوْحِ تَسْلُكُونَ لَا فَوَ جَمَالِي الَّذِي جَعَلَهُ اللّهُ مَظْهَرَ جَمَالِهِ بَيْنَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ * أَنْ يَا حُورِيَّةَ القُدْسِ دَعِي ذِكْرَ هَؤُلَاءِ لِأَنَّ قُلُوبَهُم مِنْ حِجَارَةٍ صَمَّاءَ لَنْ يُؤَثِّرَ فِيْهَا إِلَّا مَا يَخْرُجُ عَنِ الهَوَى لِأَنَّهُم غَيْرُ بَالِغٍ فِي الأَمْرِ يَسْتَرْضِعُنَّ عَنْ ثَدْيِ الغَفْلَةِ لَبَنَ الجَهْلِ أَنِ اتْرُكِيْهِمْ عَلَى التُّرَابِ ثُمَّ غَنِّي عَلَى لَحْنِي فِي جَبَرُوتِ البَقَاءِ ثُمَّ أَخْبِرِي أَهْلَ مَقَاعِدِ الفِرْدَوْسِ عَمَّا ظَهَرَ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشَاءِ يَسْتَجْذِبُنَّ مِنْ نَغَمَاتِكِ وَيُسْرِعُنَّ إِلَى جَمَالِ قُدْسٍ مَوْعُودٍ وَلِيَطَّلِعُنَّ بِهَذَا اليَوْمِ الَّذِي فِيْهِ زُيِّنَتْ هَيَاكِلُ الأَشْيَاءِ بِقَمِيْصِ الأَسْمَاءِ وَاسْتَرْقَى كُلّ فَقِيرٍ إِلَى مَكْمَنِ الغَنَاءِ وَغَفَرَ كُلّ عَاصِي مَحْرُوم * أَنِ ابْتَغُوا يَا قَوْمِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ فَضْلَ اللّهِ وَرَحْمَتَهُ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ المُمْكِنَاتِ إِيَّاكُم أَنْ تُعَقِّبُوا كُلَّ جَاهِلٍ مَحْجُوبٍ * إِذًا تَمَّ نِدَاءُ القَلَمِ فِي هَذَا الذِّكْرِ المُبَارَكِ المَحْتُومِ *
الأيام التسعة - ص ١٥٨ – ١٦٦