نُزِّلَ فِي يَوْمِ الرِّضْوَانِ
بِسْمِ اللهِ المُجَلِّي عَلى مَا سِويهُ
أَنْ يَا مَلَأَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ أَنِ اسْتَمِعُوْا شَهَادَةَ اللهِ مِنْ لِسَانِ رَبِّكُمُ الأَبْهَى إِنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ سَمَاءُ أَمْرِهِ وَسَحَابُ قَضَائِهِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالَّذِي ظَهَرَ إِنَّهُ لَإِسْمُ الأَعْظمُ بِهِ ثَبَتَ بُرْهَانُ القِدَمِ وَحُجَّتُهُ عَلَى مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ فِي كينُوْنَةِ ذَاتِهِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالَّذِي أَتَى بِالحَقِّ إِنَّهُ مَظْهَرُ أَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَمَطْلَعُ صِفَاتِهِ العُليَا بِهِ دَلَعَ لِسَانُ الفَجْرِ عَنْ أُفُقِ البَقَاءِ وَنَطَقَ الرُّوْحُ الأَعْظَمُ عِنْدَ سِدرَةِ المُنْتَهى بِأَنَّهُ هُوَ المَقْصُوْدُ فِي مَدَائِنِ الأَسْمَاءِ وَالمَذْكُوْرُ فِي أَلوَاحِ الَّتِي نُزِّلَتْ مِنْ سَمَاءِ مَشِيَّةِ رَبِّكُمْ مَالِكِ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَإِنَّهُ لَسَبَبُ الأَعْظَمُ بَينَ الأُمَمِ قَدْ ظَهَرَ لِحَيَوةِ العَالَمِينَ شَهِدَ اللهُ لِذَاتِهِ بِذَاتِهِ قَبْلَ خَلقِ المُمْكِنَاتِ وَقَبْلَ ظُهُوْرِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالَّذِي أَتَى عَلَى سَحَابِ القَضَاءِ إِنَّهُ لَوَدِيْعَةُ اللهِ بَيْنَكُمْ وَمَظَهَرُ ذَاتِهِ فِيْكُمْ وَإِنَّا حِيْنَئِذٍ مِنْ أُفُقِهِ نَشْهَدُ وَنَرَى وَنَدْعُوْ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِهَذَا الجَمَالِ الَّذِي مِنْهُ قَرَّتْ عُيُوْنُ أَهْلِ الفِرْدَوْسِ وَسُكَّانِ سُرَادِقِ القُدْسِ الَّذِينَ مَا ارْتَدُّوا البَصَرَ عَنْ المَنْظَرِ الأَكْبَرِ وَمَا مَنَعَتْهُمْ سُبُحَاتُ البَشَرِ عَنِ المَنْظَرِ إِلَى وَجْهِ اللهِ العَزِيزِ البَدِيعِ إِنَّهُ لَهُوَ الَّذِي يَنْطِقُ فِي كُلِّ الأَشْيَاءِ بِأَنِّي أَنَا رَبُّكُمْ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَمْ أَزَلْ كُنْتُ كَنْزًا فِي المَقَامِ الَّذِي مَا اطَّلَعَ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا نَفْسِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ دَعُوْا مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ اعْرِجُوْا بِجَنَاحَينِ الإِنْقِطَاعِ إِلَى هَذَا الهَوَاءِ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ نَسَمَاتُ رَبِّكُمُ الغَفُوْرِ الكَرِيمِ وَنَفْسِي قَدْ أَتَى اليَوْمُ الَّذِي كَانَ مَكنُوْنًا فِي خَزَائِنِ قُدْرَةِ رَبِّكُمْ أَنِ اسْتَبْشِرُوْا فِي هَذَا اليَوْمِ المُبَارَكِ العَزِيزِ المَنِيعِ إِنَّهُ لَظَاهِرِي بَينَكُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَينِي قَدْ بَعُدَ عَنْ صِرَاطِ حَقٍّ مُسْتَقِيمٍ وَبِهِ غَنَّتِ الوَرْقَاءُ عَلَى أَفْنَانِ سِدْرَةِ البَهَاءِ تَاللَّهِ الحَقِّ قَد أَتَى مَحْبُوْبُ العَالَمِينَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يَا إِلَهِي هَلْ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَشْكُرَكَ عَلَى النَّعْمَاءِ الَّتِي نَزَّلتَهَا مِنْ سَمَاءِ أَحَدِيَّتِكَ وَهَوَاءِ إِرَادَتِكَ وَجَعَلتَهَا مَخْصُوْصَةً لِأَهْلِ البَهَاءِ فِي مَلَكُوْتِ الإِنْشَاءِ لَا فَوَعِزَّتِكَ يَا مَحْبُوْبَ العَالَمِينَ وَمَقْصُوْدَ العَارِفِينَ لَوْ تَجْعَلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خَلقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَلسُنًا نَاطِقَاتٍ بِعَدَدِ كُلِّ الذَّرَّاتِ وَيَشْكُرُوْنَكَ بِدَوَامِ مَلَكُوْتِكَ وَجَبَرُوْتِكَ بِمَا أَكْرَمْتَ عَلَى مُحِبِّيكَ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي تَجَلَّيتَ فِيهِ بِذَاتِكَ وَكَينُوْنَتِكَ عَلَى مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَبِجَمَالِكَ عَلَى أَهْلِ مَدَايِنِ البَقَاءِ وَبِاسْمِكَ عَلَى مَنْ فِي لُجَجِ الكِبْرِيَاءِ لَيَكُوْنُ مَعْدُوْمًا عِنْدَ مَا أَعْطيتَهُ بِفَضْلِكَ وَأَنْعَمْتَهُ بِجُوْدِكَ وَإِحْسَانِكَ لَمْ أَدْرِ يَا إِلَهِي أَي نَعْمَائِكَ أَذْكُرُ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلتَهُ مَطْلَعَ أَيَّامِكَ وَمَشْرِقَ أَنْوَارِكَ الَّذِي اسْتَنَارَ مِنْ نُوْرِ ذاتِكَ وَاسْتَضَاءَ مِنْ بَوَارِقِ أَنْوَارِ وَجْهِك أَأَذْكُرُ المَائِدَةَ الَّتِي نَزَّلتَهَا فِي هَذَا اليَوْمِ لِأَهْلِ البَهَاءِ الَّذِينَ اخْتَصَصْتَهُمْ بَينَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ وَجَعَلتَ كُأُوْسَهَا كَلِمَاتِكَ الَّتِي مِنْ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا أَشْرَقَتْ شُمُوْسُ الحِكْمَةِ وَالبَيَانِ وَلَاحَتْ أَنْوَارُ العَظَمَةِ وَالتِّبْيَانِ وَكَانَ فِيهَا مَائِدَةُ المَعَانِي الَّتِي لَمْ تَزَل كَانَتْ مَخْزُوْنَةً فِي خَزائِنِ عِصْمَتِكَ وَمَكنُوْنَةً خَلفَ سُرَادِقِ عَظَمَتِكَ أَمْ أَذْكُرُ يَا إِلَهِي ظُهُوْرَك فِي هَذَا اليَوْمِ عَنْ مَشْرِقِ هُوِيَّتِكَ وَاسْتِوَائَكَ عَلَى عَرْشِ اسْمِكَ الوَهَّابِ مِنْ غَيرِ الأَسْتَارِ وَالأَحْجَابِ وَتَكَلُّمَكَ بِلِسَانِ القُدْرَةِ وَالقُوَّةِ لِمَنْ فِي الغَيبِ وَالشَّهَادةِ وَنَفْسِي الحَقِّ قَدْ ظَهَرَ الغَيْبُ المَكْنُوْنُ وَالسِّرُّ المَخْزُوْنُ مَنْ أَرَادَنِي يَرَانِي يَا فَاطِرَ الأَسْمَاءِ وَخَالِقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاءِ قَدْ عَجَزَتْ أَلسُنُ بَرِيَّتِكَ عَمَّا قَد أَعْطَيْتَهُمْ فِي هَذَا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلتَهُ مَشْرِقَ أَيَّامِكَ هَذَا يَوْمٌ فِيهِ دَعَوْتَ المُقَرَّبِينَ إِلَى مَطْلَعِ قُرْبِكَ وَالمُخْلِصِينَ إِلَى مَشْرِقِ أَنْوَارِ وَجْهِكَ وَهَذَا لَيَوْمٌ قَدْ أَخَذَتَ العَهْدَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ بِأَنْ يُبَشِّرَ النَّاسَ بِالَّذِي ظَهَرَ بِمَلَكُوْتِ قُدْرَتِكَ وَجَبَرُوْتِ سُلطَانِكَ هَذَا يَوْمٌ نَادَى فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ مِنْ قُطْبِ جَنَّةِ الرِّضْوَانِ يَا أَهْلَ الأَكوَانِ تاللهِ قَدْ ظَهَرَ مَحْبُوْبُ العَالَمِينَ وَمَقْصُوْدُ العَارِفِينَ هَذَا هُوَ الَّذِي سَمِعْتُ نِدَائَهُ فِي المِعْرَاجِ وَمَا رَأَيتُ جَمَالَهُ إِلَى أَنْ بَلَغَتِ الأَيَّامُ إِلَى هَذَا اليَوْمِ الَّذِي بِهِ زُيِّنَتْ أَيَّامُ اللهِ المَلِكِ العَزِيزِ الحَمِيدِ وَفِيهِ ثَبَتَ حُكْمُ الفَضْلِ وَرَحْمَتُهُ الَّتِي سَبَقَتِ المُمْكِنَاتِ بِحَيثُ مَا اخْتَصَّهُ بِأَحَدٍ دَعَى الكُلَّ إِلَى لِقَائِهِ وَتَجَلَّى عَلَى كُلِّ شَيءٍ بِجَمَالِهِ المُشْرِقِ العَزِيزِ وَنَادَى الرُّوْحُ فِي قُطْبِ السَّمَاءِ أَنْ يَا مَلَأَ الإِنْشَاءِ قَدْ ظَهَرَ سُلطَانُ العَالَمِينَ قَد كَمُلَ مَا فِي مَلَكُوْتِ رَبِّي وَأَتى مَا هُوَ المَحْبُوْبُ قَلبِي وَمُؤَيِّدِي فِي أَمْرِي أَنِ اتَّبِعُوْهُ وَلَا تَكُوْنُنَّ مِنَ المُعْرِضِينَ هَذَا يَوْمٌ فِيهِ كُشِفَتِ الأَحْجَابُ وَظَهَرَ رَبُّكُمُ العَزِيزُ الوَهَّابُ وَبِظُهُوْرِهِ كَمُلَ وَتَمَّ مَا وَعَدْتُ بِهِ أَنِ اسْرَعُوْا إِلَى هَذَا الجَمَالِ المُشْرِقِ المُنِيرِ أَنْ يَا قِسِّيسُ مُرِ العِبَادَ بِأَنْ لَا يَدُقُّوُا النَّوَاقِيسَ إِلَّا بِاسْمِهِ العَزِيزِ المَنِيعِ هَذَا يَوْمٌ فِيهِ بَلَغَ كُلُّ ظَمْآنٍ إِلَى كَوْثَرِ الحَيوَانِ وَكُلُّ مُشْتَاقٍ إِلَى مَنْظَرِ الرَّحْمَنِ وَفِيهِ قَدْ عَزَّ كُلُّ ذَلِيلٍ وَاسْتَغْنَى كُلُّ فَقِيرٍ وَطَابَ كُلُّ مَرِيضٍ وَسَمِعَ نَغَمَاتِهِ كُلُّ صُمٍّ وَشَهِدَ كُلُّ عَمْيٍ أَنِ اشْكُرُوْهُ وَلَا تَكُوْنُنَّ مِنَ المُشْرِكينَ قَدْ يَطُوْفُ مَلَكُوْتُ اللهِ فِي حَوْلِهِ وَبِحُبِّهِ زُيِّنَ الصَّلِيبُ بِهَيكَلِي وَقُمْتُ مِنَ الأَمْوَاتِ لِإِتْمَامِ ذِكْرِهِ بَينَ العِبَادِ إِيَّاكُمْ يَا أَهْلَ الإِنْجِيلِ لَا تَذكرُوْنِي بِأَلسُنِكُمْ بَعْدَ الَّذِي أَعْرَضْتُمْ عَنْ أَبِي الجَلِيلِ الَّذِي بِحُبِّهِ جُعِلَ النَّارُ نُوْرًا لِلخَلِيلِ مَنْ يَنْتَظِرْ بَعْدَهُ إِنَّهُ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ أَنِ اسْرَعُوْا إِلَى فُرَاتِ رَحْمَةِ رَبِّكُمُ الرَّحْمَنِ إِيَّاكُمْ أَنْ تَمْنَعُوْا أَنْفُسَكُمْ مِنْ هَذَا السَّلسَبِيلِ إِنَّا رَبَّينَاكُمْ لِهَذَا اليَوْمِ فَاقْرَؤُاْ لَعَلَّ تَجِدُوْنَ مَا هُوَ المَقْصُوْدُ مِنْ ذِكْرِي فِي أَيَّامِي إِنِّي مَا ظَهَرْتُ إِلَّا لِأَمْرِهِ وَمَا جِئْتُكُمْ إِلَّا لِأُخْبِرَكُمْ بِمَلَكُوْتِ اللهِ رَبِّكُمْ وَرَبِّ العَالَمِينَ قَد ظَهَرَ مَا هُوَ المَكْنُوْنُ وَجَاءَ مَا هُوَ المَخْزُوْنُ أَنِ ارْتَقِبُوْا هَذَا اليَوْمَ الَّذِي فِيهِ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأَمْطَرَتْ سَحَابُ البَقَاءِ وَغَنَّتْ وَرْقَاءُ الأَمْرِ عَلَى أَفْنَانِ سِدرَةِ المُنْتَهَى وَانْقَلَبَ عَنِ الشَّوْقِ أَفْئِدَةُ مَلَأِ الأَعْلى فِي الجَنَّةِ العُليَا وَخَرَجْنَ الحُوْرِيَّاتُ مِنْ أَعْلَى الغُرُفَاتِ مُقْبِلَاتٍ إِلَى جَهَةِ عَرْشٍ عَظِيمٍ دَعُوْا مَا عِنْدَكُمْ وَخُذُوْا مَا أَمَرَكُمْ بِهِ هَذَا الجَمَالُ القَدِيمُ يَا مَعْشَرَ العُلَمَاءِ أَنْ أَمْسِكُوْا أَقْلَامَكُمْ قَدْ يَنْطِقُ القَلَمُ الأَعْلَى وَضَعُوْا أَلوَاحَكُمْ قَدْ ظَهَرَ اللَّوْحُ الَّذِي مَا نُزِّلَ فِيهِ ذِكْرٌ مِنَ الأَذْكَارِ وَيَكْفِي مَنْ عَلَى الأَرْضِ أَجْمَعِينَ أَنِ اطْلَعُوْا مِنْ أُفُقِ الإِطْمِينَانِ بِاسْمِ رَبِّكُمُ الرَّحْمَنِ وَمَزِّقُوْا الحُجُبَاتِ الَّتِي حَالَتْ بَينَكُمْ وَبَينَ مَالِكِ الأَكْوَانِ كَذَلِكَ يَأْمُرُكمُ الرُّوْحُ الَّذِي فَدَى رُوْحَهُ لِحَيوةِ العَالَمِ لِيَظْهَرَ مَا هُوَ المَقْصُوْدُ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بِالحَقِّ أَنِ اتَّبِعُوْهُ وَلَا تَتَمَسَّكُوْا بِمَا عِنْدَكُمْ مِنْ نَبَأِ الأَوَّلِينَ قَدْ نُفِخَ فِي الصُّوْرِ وَشُقَّ أَرْضُ الأَوْهَامِ وَنَطَقَ لِسَانُ العَظَمَةِ فِي سُرَادِقِ الأَبْهِى المُلْكُ حِينَئِذٍ للهِ المَلِكِ المُقْتَدِرِ العَلِي العَظِيْمِ قَدْ قَامَتِ الأَمْوَاتُ وَحُشِرَتِ القُلُوْبُ نَرَيكُمْ فِي قُبُوْرِ الغَفْلَةِ وَالهَوَى إِتَّقُوْا يَا قَوْمِ وَقُوْمُوْا عَنْ بَينِ الأَمْوَاتِ وَتَوَجَّهُوْا إِلَى مَشْرِقِ الفَضْلِ فِي هَذَا الأُفُقِ المُبِينِ إِنّي أَكُوْنُ مُنْتَظِرًا لِأَمْرِهِ إِذَا جَاءَ الإِذْنُ أَنْزِلُ كَمَا صَعَدْتُ إِنَّهُ لَهُوَ المُقْتَدِرُ عَلَى مَا يُرِيدُ يَا مَلَأَ الإِنْجِيلِ أَتَقْصِدُوْنَ المَسْجِدَ الأَقْصَى بَعْدَ الَّذِي أَتَى مَنْ بَنَى البَيْتَ بِإِرَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي خُسْرَانٍ مُبِينٍ لَا يُقْبَلُ اليَوْمَ عَمَلٌ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِهِ وَلَا يُرْفَعُ نِدَاءٌ إِلَى اللهِ إِلَّا بِحُبِّهِ كَذَلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ وَأَتَى الحُكْمُ مِنْ مُقْتَدِرٍ عَلِيمٍ وَنَادَى الكَلِيمُ مِنْ سَينَاءِ اسْمِنَا العَظِيمِ يَا قَوْمِ قَدْ أَتَى اليَوْمُ هَذَا لَهُوَ الَّذِي قَد بَكَيْتُ لِفِرَاقِهِ فِي فَارَانِ العِشْقِ وَنُحْتُ لَهُ فِي بَرِّيَّةِ الإِشْتياقِ فَلَمَّا قَصَدْتُ حَرَمَ قُرْبِهِ وَالنَّظَرَ إِلَى جَمَالِهِ أَبْعَدَنِي بِسُلطَانِهِ وَمَنَعَنِي عَمَّا أَرَدْتُ وَقَالَ لَنْ تَرَانِي وَأَرْجَعَنِي إِلَى التَّجَلِّيَاتِ الَّتِي أَشْرَقَتْ مِنْ أَنْوَارِ عَرْشِهِ العَظِيمِ إِذًا وَجَدْتُ نَفْسِي فِي احْتِرَاقٍ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْمَعَهُ آذَانُ المُوَحِّدِينَ إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بِالحَقِّ وَكَشَفَ لَكُمْ جَمَالَهُ وَيقُوْلُ فِي كُلِّ الأَحْيَانِ يَا مَلَأَ الأَكْوَانِ انْظُرُوْا تَرَانِي تَاللَّهِ لِهَذِهِ الكَلِمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ فَمِ إِرَادَةِ رَبِّكُمُ الرَّحْمَنِ يَنْبَغِي أَنْ تَفْدُوْا أَنْفُسَكُمْ لَوْ أَنْتُمْ مِنَ المُنْصِفِينَ يَا قَوْمِ إِنِّي عَرَّفْتُكُمْ مَنْ تَشَبَّكَ فُؤآدِي فِي هِجْرِهِ وَسَقَانِي كَأْسَ الفِرَاقِ أَنِ اعْرَفُوْهُ وَلَا تَكُوْنُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ طُوْبَى لِعُيُوْنِكُمْ وَلِآذَانِكُمْ تَسْمَعُوْنَ وَتَنْظُرُوْنَ فَوَيلٌ لِلَّذِينَ جُعِلُوْا مَحْرُوْمِينَ مِنْ هَذَا المَنْظَرِ المُنِيرِ وَنَادَى نُقْطَةُ البَيَانِ مِنْ قُطْبِ الجِنَانِ يَا قَوْمِ هَذَا لَهُوَ الَّذِي قَدْ فَدَيْتُ نَفْسِي فِي سَبِيلِهِ وَبُعِثْتُ لِذِكْرِهِ وَبَشَّرْتُكُمْ بِلِقَائِهِ إِيَّاكُمْ أَنْ تَكُفُرُوْا بِالَّذِي لَوْلَاهُ مَا أَشْرَقَتْ شَمْسُ البَيَانِ وَمَا نُزِّلَتْ آيَاتُ رَبِّكُمُ الرَّحْمَنِ تَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ الَّذِي بِهِ أَضَاءَ شَمْسُ المَعَانِي وَالتِّبْيَانِ وَفُتِحَ بَابُ اللِّقَاءِ عَلَى مَنْ فِي الأَكْوَانِ بِاسْمِهِ زُيِّنَتْ مَدَايِنُ الأَسْمَاءِ وَبِذِكْرِهِ اشْتَعَلَتْ قُلُوْبُ الأَصْفِيَاءِ إِيَّاكُمْ أَنْ تَفْعَلُوْا بِهِ مَا فَعَلتُمْ بِنَفْسِي أَشْهَدُ بِأَنِّي كُنْتُ مُبَشِّرَ الظُّهُوْرِ بَينَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَجَعَلتُ البَيَانَ مُعَلَّقًا بِإِذْنِهِ وَإِرَادَتِهِ تَاللَّهِ بِحُبِّهِ قُمْتُ بَينَكُمْ وَعَاشَرْتُ مَعَكُمْ لَوْلَاهُ مَا نُزِّلَتْ كَلِمَةٌ وَمَا ظَهَرَتْ آيَةٌ تَمَسَّكُوْا بِأَذْيَالِ رَحْمَتِهِ وَتَشَبَّثُوْا بِحِبَالِ مَحَبَّتِهِ هَذَا يَوْمُ الَّذِي فِيهِ يُنَادِي كُلُّ الذَّرَّاتِ وَمَالِكُ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ قَدْ أَتَى مَنْ يَدْعُوْهُ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ لَكَ الحَمْدُ يَا إِلَهِي بِمَا زَيَّنْتَ دِيبَاجَ كِتَابِ الدَّهْرِ بِهَذَا اليَوْمِ الأَنْوَرِ وَفِيهِ تَجَلَّيتَ بِأَسْمَائِكَ الحُسْنى وَصِفَاتِكَ العُليَا عَلَى كُلِّ الأَشْياءِ هَذَا يَوْمُ الَّذِي فِيهِ جَعَلتَ فِي كُلِّ اسْمٍ مَا فِي الأَسْمَاءِ كُلِّهَا طُوْبَى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ وَفَازَ بِلِقَائِكَ وَسَمِعَ نِدَائَكَ اللَّهُمَّ أَسْئَلُكَ بِهَذَا اليَوْمِ وَبِالإِسْمِ الأَتَمِّ الَّذِي بِهِ تَمَوَّجَ البَحْرُ الأَعْظمُ بِأَنْ تَحْفَظَ أَهْلَ البَهَاءِ عَنِ الَّذِينَ كَفَرُوْا بِآيَاتِكَ الكُبْرى ثُمَّ اجْعَلهُمْ مَطَالِعَ نُصْرَتِكَ وَمَشَارِقَ قُدْرَتِكَ لِيَقُوْمُنَّ عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ بَينَ عِبَادِكَ عَلَى شَأْنٍ لَا تَمْنَعُهُمْ حُجُبَاتُ أَهْلِ أَرْضِكَ وَإِشَارَاتُ أَهْلِ مَمْلِكَتِكَ وَسَطْوَةُ الَّذِينَ قَامُوْا عَلَى إِطْفَاءِ نُوْرِكَ أَي رَبِّ لَا تَجْعَلهُمْ مَحْرُوْمِينَ عَنْ نَفَحَاتِ هَذَا اليَوْمِ الَّذِي تَنْطِقُ بِهَا كُلُّ ذَرَّةٍ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَي رَبِّ زَيِّنْهُمْ بِطِرَازِ الإِسْتِقَامَةِ وَالإِطمِينَانِ ثُمَّ اجْعَلهُمْ نَاصِرِينَ لِأَمْرِكَ بَينَ مَلَأِ الأَكوَانِ يَا إِلَهِي وَإِلَهَ العَالَمِينَ وَمَقْصُوْدِي وَمَقْصُوْدَ العَارِفِينَ أَسْئَلُكَ بِالَّذِي بِهِ أَشْرَقَتْ شَمْسُ وَحْيِكَ وَإِلهَامِكَ بِأَنْ تُقَدِّرَ لِأَهْلِ هَذَا اليَوْمِ مَا قَدَّرْتَهُ لِخِيرَةِ خَلقِكَ ثُمَّ أَنْزِل عَلَيهِمْ فُيُوْضَاتِ الَّتِي مَا فَازَ بِهَا أَحَدٌ مِنْ خَلقِكَ ثُمَّ اجْعَلهُمْ مِنَ الطَّائِفِينَ حَوْلَ حَرَمِ قُرْبِكَ وَكَعْبَةِ لِقَائِكَ ثُمَّ أَلهِمْهُمْ فِي أَمْرِكَ مَا تَشْتَعِلُ بِهِ قُلُوْبُ خَلْقِكَ وَأَفْئِدَةُ بَرِيَّتِكَ ثُمَّ اجْعَل كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سِرَاجَ ذِكْرِكَ لِتَسْتَضِيءُ بِهِ العِبَادُ الَّذِي احْتَجَبُوْا بِمَا اتَّبَعُوْا النَّفْسَ وَالهَوَى عَنْ عِرْفَانِ مَظْهَرِ ذَاتِكَ وَمَطْلَعِ آيَاتِكَ أَي رَبِّ أَنْتَ الَّذِي يَشْهَدُ كُلُّ ذِي قُدَرَةٍ بِقُدَرَتِكَ وَسُلطَانِكَ وَكُلُّ ذِي عَظَمَةٍ بِعَظَمَتِكَ وَأَلطَافِكَ فَأَنْزِل عَلَى أَحِبَّتِكَ مَا يَنْبَغِي لِهَذَا اليَوْمِ الَّذِي جَعَلتَهُ لِجَبِينِ الأَيَّامِ الغُرَّةَ الغَرَّاءَ وَأَظْهَرْتَهُ عَنْ أُفُقِ البَقَاءِ ثُمَّ أَنْزِل عَلَيهِمْ مِنْ سَحَابِ أَحَدِيَّتِكَ وَسَمَاءِ فَضْلِكَ مَا يَجْعَلُهُمْ أَغْنِيَاءَ عَمَّا سِوَئكَ وَمُنْقَطعِينَ عَمَّا دُوْنَك . أَي رَبِّ فَأَشْرِبْهُمْ بِيَدِ رَحْمَتِكَ السَّلسَبِيلَ الَّذِي جَرى عَنْ يَمِينِ عَرْشِكَ ثُمَّ وَفِّقْهُمْ عَلَى مَا نَزَّلتَهُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلى مَا تَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ المُتَعَالي المُهَيمِنُ العَزِيزُ المُقْتَدِرُ المَنَّانُ.
الأيام التسعة - ص ١٦٦ – ١٦٨